يدعونا تاريخ الـ 14 من مارس من كل عام بمناسبة اليوم الوطني للأشخاص ذوي الإعاقة، لنجدد دعمنا ومرافقتنا لهذه الفئة التي ترفع التحدي عاليا كل يوم ونستذكر معا ما أهدته لنا من فخر واعتزاز بكل استماتة فرفعت الراية الوطنية في المحافل الدولية وإفتكت ميداليات الاستحقاق.
يؤمن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المشوار ما يزال طويلا لتحقيق رفاهية هذه الفئة العزيزة على قلوبنا، رغم كل الأشواط التي قطعت من خلال البرامج المؤسساتية والإرادة السياسية القوية لإدماجها. فمن خلال هذه السانحة، لابد أن نذكر أن للجزائر تشريعا متكاملا خاصا بحماية وترقية هذه الفئة كما أنها صادقت سنة 2009 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة في الـ 13 ديسمبر 2006 وبموجبها التزمت بتوظيف كل المجهودات لتنفيذ أحكامها من خلال رفع تقارير دورية، تظهر مدى مطابقة التشريع وبرامج العمل، لما جاء في بنود الاتفاقية. فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان مدعو من قبل آليات الأمم المتحدة لتقديم التقرير الموازي الذي لا بد أن يحمل ما يظل لزاما تنفيذه بتحديد العوائق وتوصيات عملية لإزالة الحواجز.
يثمن المجلس الوطني لحقوق الإنسان إشراك الفاعلين والشركاء الاجتماعيين في إثراء ومراجعة القانون 02 – 09 المؤرخ في 08 ماي 2002 المتعلق بحماية وتعزيز الأشخاص ذوي الإعاقة بغية الوصول إلى تطابق التشريع الجزائري مع كل بنود الاتفاقية الدولية بما يتماشى مع رؤية حقوق الإنسان لهذه الفئة من الأشخاص بما فيها إشراكهم في التنمية المستدامة. لكننا نعتبر أن وضع هذه الفئة التي تنتظر منا بذل مجهود مضاعف، لا يزال يحتاج إلى مزيد من العمل الحثيث في غياب بيانات موثوقة ومصنفة حسب الجنس ونوع الإعاقة لتدعيم التقارير العملية لتحمل الرصد والتقييم المناسبين بكل مصداقية. فمن التزامات بلادنا المفصلية في هذا المجال ضمان تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما من خلال الإدماج في الوسط الاجتماعي وبالتالي حمايتهم من كل أشكال التمييز.
يظل تاريخ الـ 14 من مارس، موعدا وطنيا لحشد الدعم بشأن قضايا إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة وتعزيز الوعي بشأن قضايا الإعاقة في بلادنا، وجلب الانتباه نحو إرساء قواعد مجتمع شامل يشارك فيه الجميع. فقد لوحظ صعوبة الوصول إلى الرعاية ونقص المعرفة بالإعاقة على مستوى النظام الصحي. وعليه، نناشد السلطات العامة وكل المعنيين بالعمل، فضلا عن مراجعة القانون برمته، أيضا، على مراجعة العلاوة الممنوحة وحصة فرص العمل المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة مع الالتزام بها كاملا في الواقع.
كما ندعو، بهذه المناسبة، كل الشركاء من مؤسسات الدولة المختصة ومنظمات المجتمع المدني لتقديم الدعم المطلق من خلال تظافر الجهود بين التشكيلات المدنية المهتمة بالأشخاص ذوي الإعاقة لإيجاد صيغ للتعاون، حيث يظل المجلس الوطني لحقوق الإنسان فضاء تلتقي عنده الجهود المؤسساتية والجمعوية، كوننا نطمح جميعنا إلى التأسيس لمحيط صديق لهذه الفئة الصامدة يتسم بالاستدامة والشمولية، ليبنى المجتمع بهم ومعهم.
نجدد دعوتنا بالتركيز على أن الأشخاص ذو الإعاقة يتأثرون أكثر من غيرهم بالعوائق الصحية والاجتماعية والاقتصادية، فلابد من تعزيز جهود الجميع والرامية الى تعميم الانتفاع بالخدمات الأساسية ومن ضمنها الحماية الصحية والاجتماعية الفورية والتعليم والتوظيف وغيرها من الفرص الاجتماعية والثقافية بغية ضمان عدم ترك الأشخاص ذوي الإعاقة خلف الركب.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد بادر بمناسبة هذا اليوم الوطني بعقد ندوة تثقيفية وتحسيسية وتوعوية حول اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة، نشطها السيد بن أمزال مراد مدير مركزي مكلف بالأشخاص ذوي الإعاقة، ممثلا عن وزارة التضامن، والسيد معمري مراد ممثلا عن وزارة الشباب و الرياضة، والأمين العام للاتحادية الجزائرية لرياضات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد حضر أشغال هذه الندوة أعضاء من جمعيات المجتمع المدني المهتمين بقضايا حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، والمنظمة هذه الندوة لفائدتهم.