يحي العالم في الفاتح من جوان، اليوم العالمي للطفل، ويقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان بهذه المناسبة عند بعض المحطات المهمة في حماية حقوق الطفل وترقيتها وتلك التي تستوجب منا جميعا بذل المزيد من الجهود تحقيقا لرفاهية الطفولة في الجزائر. ومن المحطات الجديرة بالذكر في هذا الصدد، نشير إلى أن الجزائر كانت من أولى الدول المصادقة على الاتفاقية الدولية للطفل، المبرمة من قبل الأمم المتحدة سنة 1989 والتي تحوز أحكامها على اهتمام الكثير من الدول، وتولي الجزائر بدورها الاهتمام البالغ لحماية الطفل وترقية حقوقه. ولهذا الغرض بالذات اجتهدت في تكييف قوانينها للتناغم مع مجمل التزاماتها الدولية في هذا المجال. ومن أجل تأكيد هذا التوجه، تحرص الدولة على إيجاد آليات للتبليغ المبكر عن أي أخطار تحوم بالطفل عبر عدد من المؤسسات والآليات والتشريعات التي تمكن من توفير الحماية القصوى للطفل في وضع هش والمعرض للخطر، وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى الخطوة الحاسمة التي تمثلت في صدور القانون 15-12 في 15 يوليو سنة 2015. المتعلق بحماية الطفل والذي أحاط الطفل بحماية جزائية وقائية ضد مختلف الاعتداءات والجرائم التي تمس حياته وصحته، وهو ما يعتبر تأكيدا على حرص المشرع على قداسة جانب الحماية المكرسة للطفل، كما أوجد الوسائل التي من شأنها أن تكفل العيش الكريم للطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والاعتداء والاستغلال وكذا القانون رقم 15-01 المؤرخ في 4 يناير سنة 2015 المتضمن إنشاء صندوق النفقة وغيره من النصوص التي اتخذت من أجل حماية الأسرة والطفل.
يدرك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من جهة أخرى، أن واقع حقوق الطفل يعتمد، بالدرجة الأولى، على معدلات التنمية البشرية في مختلف الدول، وهي قوية في بلادنا مما يجعل وضعية الطفل تتمتع بمؤشرات جد مطمئنة، ومن معالم ذلك تراجع معدلات عمالة الأطفال والتي كادت تنعدم في بلادنا وكذا عدد الأطفال المتسولين وقلة عدد الأطفال المتزوجين دون السن القانوني، ومن ثم لا بد من تحية للدور الإيجابي الذي تلعبه كل من وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة والهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، في دعم حماية حقوق الطفل وترقيتها عملا على تحقيق مصلحته الفضلى.
إنَ نبل مهمة تعزيز حماية الطفل ورعايته تحتاجٌ إلى تضافر الجهود وحشد الهمم، خدمة لرفاهيته وحمايته، كونه مستقبل الأمة، وتستوجب اجتهاد الجميع، مؤسسات وفاعلين وشركاء، للسهر والحرص على إحاطة الطفل بالحماية المستوجبة له، وخاصة بعض فئات الأطفال كمن أوجدته الظروف داخل مؤسسات استقبال الطفولة المسعفة، والذي يستحق رعاية مميزة تستوجبها مرحلة الطفولة وبما يضمن انخراطه في الحياة الاجتماعية العادية، وذلك من خلال برامج تربوية وترفيهية تجعل من الوسط الذي يعيش فيه داخل مؤسسة الاستقبال ممرا آمنا يعبر من خلاله للمساهمة في بناء مجتمع متوازن.
وفي هذا الإطار، يهتم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اهتماما شديدا بضرورة الحرص والسهر على توفير المعاينة والمراقبة داخل مؤسسات استقبال الطفولة الصغيرة (روض الأطفال والحضانة)، التي تستقبل الأطفال من سن الرضاعة إلى بلوغهم سن التمدرس، كما يبدي اهتماما خاصا بكل فئات الأطفال بما فيهم الأطفال ذوي الحاجات الخاصة من خلال الزيارات التي يقوم بها في المراكز التي تستقبلهم في مختلف الولايات بما في ذلك تنظيم زيارات مشتركة مع وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة.