بيان إعلامي بمناسبة اليوم العالمي للتسامح المصادف لـ 16 نوفمبر

في هذه الظروف الاستثنائية المؤلمة، التي تمر على العالم وتهتز لها كل القيم الإنسانية يحل تاريخ الـ 16 من نوفمبر ليذكرنا باليوم العالمي للتسامح الذي يعبر عن احترام وقبول وتقدير الآخر.

يحتفي العالم بتاريخ 16 نوفمبر من كل سنة، إثر اعتماد إعلان المبادئ بشأن التسامح سنة 1995، حيث اتفقت الدول الأعضاء، حينها، أن التسامح هو الاعتراف بالحقوق العالمية للإنسان والحريات الأساسية للآخرين ولا سبيل لمكافحة التعصب والتطرف التي تحمل الدول مسؤولية تعزيز تشريعات حقوق الإنسان، وحظر ومعاقبة جرائم الكراهية والتمييز، وضمان الوصول العادل إلى المحاكم وهيئات حقوق الإنسان. وأنجع وسيلة ومنهج في ذلك، عمل عليها المجتمع الدولي، هي بداية، غرس قيم التسامح في المنظومة التعليمية مما استوجب، أن تدخل ضمن مناهج التعليم والتدريب كل ما يتيح تطبيق التشريعات والتدابير المتخذة لهذا الغرض.

وفي هذا الصدد بالذات، أدركت الجزائر أهمية سن قانون خاص ينبذ التمييز والكراهية، والذي جاء أيضا وفاء بالتزاماتها الدولية على الصعيد التشريعي، وهكذا بادرت بسن القانون 20-05 المؤرخ في 28 أبريل 2020، المتعلق بالوقاية من التمييز وخطابات الكراهية ومكافحتهما، والمعتبر سندا قويا للتصدي للتمييز وخطابات الكراهية.

وقد وجد هذا القانون، خاصة، لصد بعض المضامين التي قد تكون بعض الوسائط منبرا لها ومدعاة لخطابات الكراهية والتطرف والازدراء والنعوت المشينة اتجاه هذا أو ذاك، مما يجعله مكسبا حرصت السلطات العليا في الدولة، أن يدعم ترسانة التشريع الوطني لحقوق الإنسان، للحد من الممارسات التي من شأنها أن تنشر الكراهية أو الكتابات المشوهة للتناغم الاجتماعي المتأصل بيننا.

في الوقت الذي نحتفل بهذا اليوم العالمي للتسامح، لا يفوت المجلس أن يبدي أسفه الشديد بل وصدمته الكبيرة أمام انهيار كل القيم الإنسانية غير المسبوق، الذي نعيشه هذه الأيام بكل حواسنا، مع ما يحدث على أرض فلسطين من جرائم تسع كل تكييفات القانون الدولي الإنساني، من قتل للأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى العاجزين يصل لدرجة الإبادة الجماعية، ومن تدمير المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس وإجبار السكان المضطهدين على التهجير القسرى، ومن قطع للأرزاق وأبسط ضروريات الحياة، كالماء والدواء، ومن تضليل وإخفاء للحقائق بقطع وسائل الاتصال وقتل الصحافيين وأفراد عائلاتهم.

فالسكوت بل وتشجيع سلطات الاحتلال على ارتكاب هذه الجرائم تحت غطاء الدفاع عن النفس في حين أن الأمر يتعلق باعتداء فظيع بكل معاني الكلمة، قد وضع المجتمع الدولي أمام مأزق أخلاقي حقيقي يقوده لمستقبل مظلم، بل ورجعي ومرتد لويلات حرب ما قبل اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (سنة 1948) واتفاقيات جنيف (1949). كل هذا يحدث تحت أنظار العالم وهو يستعد لإحياء الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تحت شعار “فلنعد معا إحياء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونبين كيف يمكنه تلبية احتياجات عصرنا والنهوض بوعود الحرية والمساواة والعدالة للجميع”، الذي تدعمه مبادرة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (75) من خلال العمل على التضامن من أجل إعمال حقوق الجميع. فأين نحن من التسامح؟