بيان إعلامي حول إحياء الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان

في الوقت الذي يسترجع فيه العالم، الذكرى الـ 75 لإجماع الجمعية العامة للأمم المتحدة على بنود ومحتوى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، بأفق إعادة “إعادة إحياء الأمل في حقوق الإنسان لكل شخص من دون أي استثناء” من أجل “النهوض بوعود الحرية والمساواة والعدالة للجميع”، المعلن عنها في هذا الإعلان، الذي تؤكد ديباجته على ” الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم “.

في سنة 2023 التي استرجع فيها العالم الذكرى الثلاثين لمؤتمر الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان عام 1993، والذي يعتبر كأحد أكبر التجمعات الدولية لحقوق الإنسان في القرن الماضي، إن لم يكن أكبرها على الإطلاق من حيث مخرجاته المتعلقة بحقوق المرأة وطائفة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وأيضا بالنظر إلى إعادة الدبلوماسيين والمسؤولين الذين يمثلون 100 دولة في هذا المؤتمر، التأكيد على “التزام حكوماتهم بالمقاصد والمبادئ الواردة في والإعلان العالمي لحقوق الإنسان” كونه “مصدر إلهام للأمم المتحدة في إحراز تقدم في وضع المعايير على النحو الوارد في صكوك حقوق الإنسان.

وفي الوقت الذي كان يحضر فيه ليكون إحياء الذكرى ال75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان مميزا وكان يحدو فيه الأمل كبار مسؤولي الأمم المتحدة، بمناسبة هذا التحضير، ومنهم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، بأن تكون هذه الذكرى ال 75، مناسبة للدول للعمل على “إحياء الروح والزخم والحيوية التي أدت إلى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل 75 سنة خلت” وهي الروح التي وصف من خلالها حقوق الإنسان بأنها “اللغة المشتركة لإنسانيتنا المشتركة”.

في الوقت الذي أكد فيه الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريش بنفس المناسبة في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان بأن حقوق الإنسان ليست رفاهية يمكن أن تُترك إلى أن يتم إيجاد حلول لمشاكل العالم الأخرى وأن حقوق الإنسان هي الحل للكثير من مشاكل العالم، مشددا على ضرورة إحياء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وضمان تطبيقه الكامل لمواجهة التحديات الجديدة اليوم وغدا، وجعله حقيقة في حياة جميع الناس في كل مكان، داعيا إلى استمداد الإلهام من حركات التحرير والاحتجاجات التي حققت تقدما هائلا خلال القرن الماضي.

بضعة شهور فقط بعد هذا التوقيت وبالذات، منذ 7 أكتوبر2023، يشهد العالم أزمة أخلاقية تعتبر سابقة، ليس لها نظير، انتكست معها كل القيم الإنسانية، للأسف الشديد، أمام المشاهد المفزعة لجرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني الأبي و التي زادت في شدتها، تداعيات تفاقم الوضع الإنساني المأساوي في غزة وتمادي تعدي الكيان الصهيوني على كل مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، على مرأى الإنسانية قاطبة، في استهداف أعمى ومتعمد للأطفال والنساء ومنع الإمدادات الإنسانية وقطع الاتصالات وتهجير مقصود وممنهج للسكان، وكذا كل البنى التحتية بما فيها المستشفيات المدنية مع قطع مقصود للكهرباء والماء وقطع للأوكسجين على المرضى وضحايا القصف العشوائي، أي جرائم، ربما لم يتصور فضاعتها مشرعو اتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

يرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا الوقت بالذات، لزاما الوقوف عند هذه المناسبة، ليذكر بأن العالم يشهد في هذه المنطقة الجريحة، وفي هذا الظرف القاسي على الإنسانية كلها، خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني ولكل المواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان وفي مقدمتها كل بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، دون استثناء، ويوجه دعوته لكل المجتمع الدولي ليتحمل مسؤوليته، كاملة، في حماية الإنسان والإنسانية، دون أي شكل من أشكال التمييز ويضغط بكل الأدوات والآليات والوسائل المتاحة للتدخل الاستعجالي قصد الأمر بالإنهاء الفوري لمسلسل الجرائم الفظيعة المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني و للحصار الجائر واللاإنساني المفروض عليه وخاصة في منطقة غزة وتقديم الدعم الإنساني الكامل لهم وإنقاذهم من تصفية عرقية مقصودة.

ويوجه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، هذه الدعوة، بشكل خاص للأمم المتحدة التي يتعين عليها أن تعمل ما في وسعها على أن تستعيد، أجهزتها وفي مقدمتها مجلس الأمن وكذلك مختلف آلياتها لحقوق الإنسان، كامل صلاحياتها، كل منها حسب اختصاصها، في فرض الشرعية الدولية وإقرار وتطبيق الحلول العادلة المستدامة وإقامة السلم والأمن واحترام حقوق الإنسان، التي هي الوظائف الثلاث للأمم المتحدة أو بالأحرى الركائز الثلاث التي تقوم عليها، وهذا في كل مناطق العالم وبالأولوية مناطق النزاع فيه، وهو ما ينطبق بشكل خاص على منطقتي فلسطين والصحراء الغربية المحتلتين.