بيان اعلامي حول يوم الأمم المتحدة والوضع في غزة

يحيي العالم اليوم، ذكرى اليوم العالمي للأمم المتحدة الذي يحتفى به يوم 24 من شهر أكتوبر من كل سنة، تطبيقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ يوم دخول إعلان ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ عام 1945، يوما عالميا للأمم المتحدة. ونظرا لأن الأمم المتحدة تقوم على ثلاث ركائز (السلام والأمن وحقوق الإنسان) مترابطة ومتشابكة وأساسها دائما حقوق الإنسان. ولذلك فإن الاحتفال باليوم العالمي للأمم المتحدة هو أيضا احتفال بحقوق الإنسان.

وتعتبر هذه السنة أي سنة 2023 بالذات سنة رمزية كبيرة بالنسبة لحقوق الإنسان، حيث تجري الاحتفالات بالذكرى الثلاثين للمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي انعقد بفيانا في جوان سنة 1993، وتمخض عن نتائج حاسمة (المفوض السامي لحقوق الإنسان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حقوق المرأة، المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان …الخ). ويستعد العالم لإحياء أيام أخرى، ذات صلة بحقوق الإنسان، يتميز من بينها اليوم العالمي لحقوق الإنسان المصادف لـ10 ديسمبر لهذه السنة برمزية كبيرة أرادتها منظمة الأمم المتحدة أن تطبع إحياء الذكرى الـ 75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 1948).

ولا شك أن إحياء ذكرى هذه الأحداث الكبرى في تاريخ تطور حقوق الإنسان، أحد أغراضه الأساسية هو تعزيز وترقية حقوق الإنسان والسير بها قدما إلى الأمام من أجل مزيد من فضاءات الحرية والكرامة الانسانية ولذلك فإن مصادقة غالبية دول العالم على ميثاق الأمم المتحدة وجل مواثيق والاتفاقيات حقوق الإنسان، تعبر عن الثقة الكبيرة في منظمة الأمم المتحدة والنظر إليها، بما تتمتع به من شرعية وسلطة على صعيد العالم ومن خلال قوة قراراتها كملاذ للمستضعفين من الدول والأفراد والشعوب لرفع الظلم وإحقاق الحق وفرض الأمن والسلام وتطبيق القوانين الإنسانية في العالم.

يحق لنا إذا أن نتساءل عن مسؤولية هذه المنظمة العالمية عما يجري بغزة، اليوم، في ظل تجاهل كل قراراتها ذات الصلة، والكل يتابع، بذهول، ما يرتكب من جرائم في حق شعب فلسطين وما صار إليه تفاقم الوضع الإنساني المأساوي في غزة وتمادي الكيان الصهيوني في استهداف عشوائي متعمد للمدنيين العزل من أطفال ونساء وطاعنين بالسن وعاجزين وبنية تحتية مدنية بما فيها قطع وسائل الحياة من طاقة وغذاء ودواء وماء وتهجير قسري متواصل منذ أكثر من 70 سنة بل وقصف وهدم، مستشفيات على رؤوس المرضى وضحايا القصف، وكنائس ومساجد على رؤوس المصلين، وهي أفعال ليست فقط محظورة مطلقا في القانون الدولي الإنساني وتشكل خرقا صارخا، غير مسبوق، لكل مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان وكل قواعد القانون الدول والقانون الدولي الإنساني وفي المقدمة الوثيقة التأسيسية للأمم المتحدة التي نحتفل اليوم بذكرى ميلادها اليوم، بل ربما لم يتوقع ولم يتصور مشرع هذه القواعد مثل هذه الفضاعات التي تتنافى كليا مع صفة الإنسانية.

أمام هذا الوضع المنبئ عن كارثة متعددة المظاهر وغير محسوبة العواقب، لا يملك المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلا أن يضم صوته لكل صوت حر في هذا العالم، ليذكر بأن الأمم المتحدة، تتحمل المسؤولية كاملة غير منقوصة أمام هذه المآسي وقد بات لزاما عليها أن تعمل على بذل كل الجهود لوضع حد، وبكل مسؤولية، لهذا التصعيد غير المسبوق في خرق الأعراف الدولية الإنسانية.

ويلفت المجلس عناية كل الأطراف والكل معني، من الجمعيات والنخب محليا وعالميا والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، للضرورة الملحة والمستعجلة بالضغط بكل الأدوات والآليات والوسائل المتاحة للتدخل الفوري من أجل فرض وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط والإنهاء الفوري لحصار طال أمده وتقديم الدعم الإنساني الكامل لسكان غزة وإنقاذهم من تصفية عرقية ممنهجة ومقصودة، والتي يمارسها الكيان الصهيوني في حق شعب أعزل تحت ذرائع باتت مفضوحة في القوانين والأعراف الدولية وأمام الكل.

وإثر ذلك مباشرة، لا بد للأمم المتحدة أن تبادر بالشروع في التحضير لمؤتمر عالمي جامع من أجل التفاوض الجاد، حول حل من شأنه تحقيق سلام دائم وعادل وإقامة دولة فلسطين الحرة على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.