رسالة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الطفل

اليوم العالمي لمحاربة عمالة الأطفال المصادف لـ 12 من جوان من كل عام، هذه المحطة الأممية التي تلتقي عندها دول العالم لتجريم ومكافحة عمالة الأطفال، يقف عندها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ليحذر مما تشكله عمالة الأطفال من انتهاك لحقوق الإنسان الخاصة بهذه الفئة، والتي تحرمها من طفولتها وكرامتها وتحد من إمكانياتها.

توسمت احتفالية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال لهذه السنة 2023، بشعار “تحقيق العدالة الاجتماعية للجميع. إنهاء عمل الأطفال!”، تأكيدا على الصلة بين عمل الأطفال والعدالة الاجتماعية، التي طالما كانت في عمق السياسة الاجتماعية للدولة ومن مرجعياتها منذ فجر الاستقلال.

وجد العالم المتحد حول ضرورة مكافحة عمالة الأطفال، أنه من الممكن إنهاء هذه الظاهرة، إذا ما عُولجت الأسباب الجذرية لها، والمساهمة في إيجاد حلول لمشاكل الناس اليومية من خلال إقرار الحق في التنمية وتحفيز الحركة العالمية المتزايدة ضد عمل الأطفال.

يلتحق الأطفال في كثير من أنحاء العالم بأشكال متعددة من العمل بأجر زهيد، أو حتى بدون أجر، مضرة بأجسادهم الصغيرة والضعيفة، خاصة عند مشاركتهم في أنشطة خطرة قد تعرض نموهم البدني أو العقلي أو الاجتماعي أو التعليمي لخطر كبير.

في بعض الدول الأقل نموا، نجد أن طفلا واحدا من بين أربعة أطفال (ممن تتراوح أعمارهم بين سني 5 و17 سنة) تضطرهم ظروفهم الاجتماعية إلى مزاولة أعمال تعتبر مضرة بصحتهم ونموهم.

للتذكير، حرصت الجزائر المستقلة وفي كل دساتيرها على حماية الطفل بشكل عام وجاء دستور 2020 ليؤكد حرص الدولة الدائم على حماية الأطفال من العمالة وذلك في المادتين 66 و71 منه. كما أن الجزائر كانت من أولى الدول المصادقة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل عام 1992، والمصادقة على الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل عام 2003، دون أن نغفل انضمامها إلى الاتفاقية الدولية رقم 138 الصادرة عن المنظمة الدولية للعمل سنة 1984، وكذا الاتفاقية الدولية رقم 182 المتعلقة بحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والتدخل الفوري من اجل القضاء عليها سنة 2001.

وفي الواقع، تكاد حاليا ظاهرة عمالة الأطفال تنعدم في الجزائر، نظرا للكم الهائل من الأدوات القانونية وآليات المراقبة، التي تكفل حماية الطفل من العمالة، فقد أشارت الإحصاءات الأخيرة التي أعلن عنها رسميا، أن نسبة عمالة الأطفال دون سن 16 سنة هي 0.001% من إجمالي اليد العاملة الوطنية، وهو ما يعتبر نتاج سياسة عامة رشيدة تحرص على منع عمل الأطفال دون 16 عاما وعلى إلزامية التعليم للطفل الجزائري المكرسة في الدستور والتشريع بالنص على منع أي إقصاء للتلميذ الذي لم يبلغ سن الـ 16 سنة كاملة من حقه في التعليم الأساسي.

يثمن المجلس الوطني لحقوق الإنسان حرص الدولة الدائم على إحاطة الطفل الجزائري بالحماية على مستويات متعددة بدءا من تأمين إلزامية التعليم ومجانيته وصولا إلى توفير كل أشكال التعليم والتكوين المهنيين وفي كل التخصصات والتي تواكب مستلزمات التنمية في عمق سياسة الدولة.

يتابع المجلس الوطني لحقوق الإنسان باهتمام كبير مخرجات عمل “اللجنة الوطنية بين القطاعات للوقاية ومكافحة عمل الأطفال”، المنضوية تحت رعاية وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، والتي ندعو إلى ضرورة أن تحمل ضمن تشكيلتها كل الفاعلين والمعنيين بحماية وترقية حقوق الطفل.

وضمن ذات السياق، يؤكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على ضرورة تمكين كل الهيئات المعنية بتحقيق رفاهية الطفل وحمايته، من فضاء موحد لتنسيق مجهوداتها خاصة من خلال برامج عمل تهدف للقضاء على عمالة الأطفال واستغلالهم فيما يعرف بالسوق الموازية مع توعية المجتمع بضرورة أن يعيش الطفل حياته كطفل بين المدرسة وأماكن الترفيه، فهو المعول عليه لبناء مجتمع المستقبل.